لطالما ارتبط عشق السيارات بالسرعة ، ولطالما بقى شغف السرعة غير قابل للإشباع بغض النظر عن الإنجازات التى وصل إليها صناع السيارات والتى أكسبت السيارات العائلية العادية القدرة على الوصول لسرعات لم تكن من سنوات إلا حصراً على سيارات السباقات .
ولأن السؤال عن أسرع سيارة فى العالم سواء كانت تجارية أو معدلة أصبح تقليدياً ولا يحرك ساكناً لدى محبى السرعة ، فقد قررنا أن نصطحبكم على بعد خطوات بعيداً عن السيارات بالمفهوم الذى نعرفه لنعرفكم على سيارة من نوع خاص ، نوع لا يشارك صفات السيارات العادية والتى نستخدمها يومياً إلا كونها تسير على الأرض ، وما دون ذلك فهو مختلف كلياً .
أسرع مركبة على وجه الأرض ؟!!
إذا ما سألك احدهم عن أسرع سيارة تجارية فى العالم ، ستجيبه بالطبع ببوجاتى فيرون والتى تصل سرعة نسختها سوبر سبورت إلى 431 كم فى الساعة ، ولكن هل تعلم أن هناك مركبة تصل سرعتها إلى ثلاثة أضعاف بوجاتى فيرون ؟! .
نعم ، أنها Thrust SSC والتى تحمل لقب أسرع مركبة على وجه الأرض ، بسرعة قصوى تبلغ 1229 كم فى الساعة ، لا تقلق لم تقرأ الرقم خطأ ، بل هو بالفعل يتعدى الألف كم فى الساعة .
فـ Thrust SSC والتى تندرج تحت فئة المركبات فوق الصوتية النفاثة ، جاءت نتاج عمل فريق ضخم من المهووسين بالسرعة فى مشروع بدأه رجل الأعمال الانجليزي ريتشارد نوبل لإنتاج مركبة نفاثة والحصول على الرقم القياسى للسرعة على الأرض .
وبدأ المشروع عام 1983 لينتج بعد سنوات النسخة الأولى من المشروع والتى سميت Thrust2 والتى وصلت سرعتها إلى 1013 كم فى الساعة وحصدت رقمها القياسى الذى حلم به نوبل ، إلا أنها لم تكن بعد قد أشبعت عشقه للسرعة ، مما دفعه إلى العمل على هدف جديد وهو الوصول لسرعة الصوت .
تحدى جديد ..
بدأ ريتشارد نوبل التحدى من جديد عام 1992 بمشاركة رون ايرس – خبير الأيروديناميكية الذى اعتاد تصميم الصواريخ الحربية للولايات المتحدة – والذى اتفق مع ريتشارد بأن المشروع سيلغى بالكامل إذا ما لم يثبت قدرته على الوصول لهذه السرعة الجنونية دون أيه خسائر ، وذلك بسبب خوف ايرس من مقاومة الهواء وموجة الضغط التى ستتولد بمجرد الوصول لسرعة الصوت وستطيح بالسيارة كاملة من على الطريق .
وليصل الفريق إلى نتائج دقيقة ، استطاع رون ايرس أن يوفر احد حقول اختبار الصواريخ الحربية بغرض اختبار نموذج المشروع الجديد فيه بسرعة تفوق سرعة الصوت للتعرف على خصائصه الديناميكية وتعديلها لتناسب الهدف .
وهكذا استمر العمل حتى وصلت السيارة إلى شكلها الحالى بحلول عام 1995 وبدأت فى الظهور فى عدة مناسبات قبل أن تبدأ تجاربها الفعلية فى العام التالى فى انجلترا ومن ثم انتقلت إلى صحراء الجفر فى الأردن والتى استمرت السيارة فى التجارب عليها حتى وصلت لهدفها المنشود .
كسر حاجز الصوت
استمرت تجارب الفريق فى الأردن برغم الصعاب الكبيرة التى واجهتهم والدعم المادى الضعيف الذى زاد من المهمة صعوبة ، حتى بدأت الأمور تستقر من جديد بعد بحث الفريق عن ممولين للمشروع من الولايات المتحدة لتوفير 600 ألف دولار لازال المشروع فى حاجة إليها فى المرحلة النهائية من التجارب .
وبحلول شهر سبتمبر عام 1997 ، استطاعت Thrust SSC أن تصل إلى هدفها المنشود وتكسر حاجز الصوت بسرعة قصوى تقدر بـ 1229 كم فى الساعة ( 1.02 ماخ ) لتصبح أسرع مركبة فى العالم ، ويصبح سائقها أندى جرين ( طيار حربى أمريكى ) أسرع سائق فى العالم وأول من يصل إلى هذه السرعة على الأرض .
كيف تحقق الهدف ؟
وبعد معرفتكم لرحلة الوصول إلى هذه السرعة ، حان الوقت لنعرفكم على بعض من مواصفات هذه المركبة الخارقة ، والتى تعمل بمحركين نفاثين من شركة رولز رويس ، وهى نفس المحركات التى تستخدمها النسخة الانجليزية من الطائرة المقاتلة F4 فانتوم II بقوة إجمالية تصل إلى 110 ألف حصان ، وعزم يصل إلى 67 ألف نيوتن . متر ، وهى قوة خارقة بكل المقاييس بالنسبة للسيارات .
وبتلك القوة يمكن لـ Thrust SSC أن تصل إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 2.5 ثانية ، والى سرعة 950 كم فى الساعة خلال 16 ثانية ، إضافة إلى سرعتها القصوى التى سجلت عند 1240 كم فى الساعة .
ولتغذى Thrust SSC محركاتها ، تستهلك المركبة فوق الصوتية 18.1 لتر من الوقود كل ثانية ، وهو ما استلزم قرابة الـ 1100 لتر من الوقود للوصول إلى رقمها القياسى ، ويعادل 5500 لتر من الوقود لكل 100 كم من القيادة ! .
وترقد الآن Thrust SSC سالمة فى احد المتاحف المتخصصة فى وسائل النقل ببريطانيا ، بعد أن احتفظت بلقبها لسنوات ، تاركة المجال لوحش جديد يستعد قريباً لكسر هذا الرقم من خلال نفس الفريق العمل ، ليبتعد عن حاجز الصوت بكثير ، وهو ما سنستعرضه لكم لاحقاً إن شاء الله .